الأحد، 13 أكتوبر 2013

هييييييييييه ؛ دونيا !

و لأنك تعمل في الهيئات التي تكتفى بأول يومين للعيد فقط كإجازة ؛ و لا تعترف بالباقي ... سيكون لزاما عليك أن تواجه نفس مصيري الان ؛ عالقا في مسكنك الانفرادي كغريب /ة  ؛ بينما أصداء الشارع الذي لا يكف عن الضجيج تخترق قلبك ؛ السكن خالي تماما من الطالبات ؛ و أنا أعيد تدوير الفيلم من بدايته و لكن بابتسامة عبثية أوسع :))
 
و بشكلٍ ما ؛ ستتعلم فيما بعد أن تُقدس الأيام التي تسبق الإجازة ؛ لأن الاجازات تتميز بالزئبقية ... ما أن تبدأ حتى تنتهي دون إنذار ..و تعود أنت / أنا إلى روزنامة التقويم لاستطلاع الاجازات القادمة ؛ فقط لتقدير حجم ساعات النوم المتاحة مستقبلا ؛ نوم الأطفال المجاني !
 
ثم أن هذا هو العيد الأول في المنيا ؛ و هذه هي الليلة الأخيرة (ما قبل العيد) التي أقضيها هنا على فراشي ذي الملاءة الزرقاء و الضجر و الضجيج و كووك دوور (لم استطع اتمام غذائي) و متاهات الوهم ليوسف زيدان ( تبا..لم أستطع انهاؤه منذ أتيت الى المنيا ) و ترجمة ناقصة  و قاعدتي بيانات ذات مائة و خمسين اسم لم تُصمم بعد (اللعنة) !
 
و هكذا عزيزي المتفرج - بمراجعة قوائم اللعنات المذكورة انفا ؛ يمكنك تحديد خياراتك للعيد القادم !
 
و كل سنة و انتم طيبيييييين ؛ بجد ؛)
 
* الجدير بالذكر إن أنا الست أم أحمر في الصورة فوق !

الاثنين، 7 أكتوبر 2013

صباحات الموقف !

لا تعرفُ فيروز السفر صباحا بالميكروباص ؛ لا تعرفُ زخم الموقف ؛ بفتح القاف ؛ و بالتأكيد رؤية الشباب من السواقين و التباعين و الباعة و البلطجية الذين يحملون أشكالا متعددة من الزخارف و الوشم على سحناتهم ؛ مخلفة "موتيفات" تصلح بشدة لكتاب الدراما المولعين بالواقعية ؛ قال زميلي " أووف ؛ الموقف و الميكروباصات و الاشكال الغلط اللى على الصبح ... ربنا يتوب علينا" بدت لي شهادته "فوقية " ؛ بدا لي غريبا و غير متسقا مع نفسه .. فلم أكن أرى في الموقف سوى عالما موازيا ؛ مملوءا بالحياة و الحركة .. في رؤيتي الأفقية للحياة كمتفرجة ؛ لم يكن يعنيني التداخل مع أصحاب الوشم و توصيفهم " بالأشكال الغلط" ؛ لأني لم أكن انوي التورط في الحياة ..
و بقدر عشقي للسفر و الطرق المفتوحة ؛ إلا أني صرتُ متورطة بشكل ما في لعبة نفسية مُرهقة صبيحة كل يوم سفر ؛ مرتين في الأسبوع الواحد .. الانتقال من دفء المألوف / المنزل إلى الغربة الافتراضية / الحلم و تحقيقه ...و ما بين الأيام التي أقضيها هنا يُرهقني التغيير ... من غرفتي ذات البساط الوردي الداكن إلى غرفتي العارية من الأثاث و المتسعة قدر الوحدة التي في القلب ؛ قصر المسافة و الوقت الذي يفصل النقيضين عن بعضهما أورثني الإرهاق ؛ ليصير لزاما عليّ فيما يأتي مستقبلا بأن أطيل المكوث في بلاد الوحدة حتى لا يورثني دفء البيت القريب ضعف العزيمة !
فيروزأيضا لا تعرفُ معنى أن يُدخن السائق بالجوار ؛ و يفتح القرأن الكريم بأعلى صوت ثم "يسب الدين" للراكب بالخلف الذي أصابته شذرات السيجارة المشتعلة فصاح للسائق يطالبه بأن يُطفئ "الهبابة دي" .. التنوع اللفظي من اللعنات و السباب في اللحظات التالية كانت كفيلة بجعل صوت القرأن الكريم مبتذلا في ذلك المشهد  الذي صار يتعامل مع الذكر الحكيم كإكسسوار مناسب للصباح ؛ في لحظة ما من هذه المهزلة سيصعب عليك عدم التورط ؛ عزل نفسك عن المشهد ؛ السائق المحتدم و الركاب الثائرين ؛ و صوت فيروز العالي في سماعتي اذني ؛ نصبح جميعا في لقطة الكاميرا " اشكالا غلط" بالمرة !
" حمد لله على السلامة يا أبلة" .. لا يعرف الجالس بالمقدمة  أن المساحة التي يُشارك فيها السائق ستسمح بترقيته نوعا ؛ لا حظت بعد عدة سفريات أن الركاب يرمقونني بغيظ نظرا لصمتي التام و انعزالي عنهم أثناء مشاداتهم المستمرة مع السائق لتخفيض السرعة ؛ صمتي متواطئ ضدهم ..يتقوى به السائق نكاية فيهم.

سيلعن زميلي الأشكال الغلط / الروائح الغلط / الألفاظ الغلط كل صباح ؛ بينما أنا على الأرجح سأكف عن استخدام الميكروباص لا لشيء إلا أني و بصراحة شديدة أراهم جميعا متسقين مع ذواتهم ؛ بينما في العوالم الموازية الأخرى لا يتاح للأشكال الغلط التعبير عن أنفسهم بوضوح ؛ فننخدع نحن و نعاملهم بما لا يليق بهم .

بالمناسبة ؛ أرى في وصف " الاشكال الغلط"  عنصرية شديدة ... فلننظر مرة واحدة في المرايا ثُم نستغفر الله عن كل ذنب !

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

عن الخرائط التي بخط اليد و الطيور الزرقاء

الأحد 29/9

يقولُ الذي يحمل شمسين صغيرتين في عينيه و ابتسامة واسعة في قلبه " سأرسم لكِ خريطة لشوارع المنيا ؛ للعنوان الذي أريدُ أن أذهب إليه قبل السادسة .. و يرسم الخريطة  خطوطا متوازية و ميادين على شكل دائرة مغلقة  و علامات صغيرة "
الشارع الذي ميزت اسمه كان من السهولة لأن أسأل السائق عنه "شارع سعد زغلول " للمفارقة اني أسكنُ في بني سويف في شارع يحمل الاسم نفسه ... هكذا هي مصر العظيمة حيثُ يمكنك العثور على ألف شارع يحمل اسم سعد زغلول او صلاح سالم في كل بلدة او محافظة تقريبا :)

و بغض النظر عن الخريطة العزيزة التي يغارُ منها "جوجل ايرث و جوجل ماب" ... فإن السائق الذي أمرته بثقة أن يأخذني للشارع ؛ ابتسم في بلاهة و اخبرني بأنه لا يوجد شارع بهذا الاسم و أن ما أقصده هو شارع " المحطة ".

كنتُ على موعدٍ مع الإرهاق  صبيحة ذلك اليوم؛ يوم الأحد يمثل كل كوابيسي في الحياة .. هو توارث  ثِقل يوم السبت و تحمل بالتبعية مقتي لكل بدايات الأسبوع ؛ لذكريات المدرسة و الجامعة و المحاضرات و السفر ... السفر صباحا حيثُ يتعامل سائقي الميكروباص معنا ككائنات بائسة  تستحق الموت سحقا .. في ظل غياب القطار عن المشهد !

و الموعد الذي تحديتُ ارهاقي  لكي لا افوته كان يستحق فرحة تُشبه رفرفة جناحي بغباء أزرق اسمه RIO كان يخافُ فرد جناحيه للتحليق ... كان عرضا خاصا للفيلم في دور سينما عبارة عن غرفة مستطيلة متسعة و شاشة هي "جدار" و كراسي انتظار بلاستيكية و بضعة شباب يفترشون الأرض و يضحكون .. المكان مؤسسة "عيون" حيثُ يمكنك فتح عينيك على اتساعيهما ..البساطة و الطاقة الإيجابية تملأ الأرجاء و اللوحات المرسومة بخطوط طفولية تُرحب بك .. العيون المرحبة كثيرة و جميلة و تحمل ودا صادقا يمنحك مكانا دائما هناك ؛ هكذا عرفتُ أن كآبة يوم الأحد ستنكسرُ بابتسامات واسعة و فيلم مُلهم.

و العصافير الزرقاء التي كانت تناضل لأجل حريتها ؛ ذكرتني بك؛ كانت الأنثى شجاعة و ذات روحا طلقة و متحررة بينما كان ريو متكئا على نفسه و فاقدا لعزمه ؛ الفيلم الذي انتهى بالنهاية السعيدة كعادة افلام الأنيميشن .. حررني قليلا بصخب الألوان و روعة انسانية المشاعر و براعة الإخراج .. متعة كبيرة و خالصة .

العودة من المحطة الى شارع طه حسين سيرا على الأقدام ؛ حررّ ما تبقى من رواسب اليوم .. المشي على الكورنيش و اكتشاف شجرتين مكسوتين باللون الوردي و ألف ألف وردة برية  تتكشف بحياء .. العائلات التي تتنزه و الأطفال الراكضين و العجائز المتكئين على الصبر .. حياة تبعث على الاطمئنان و تزيل عن النفس غربتها و الشوارع طويلة طويلة  تربت على قلبك ؛ النيل مستكين بالأسفل و بعيد عن التناول ؛ نيل الليل في المنيا ليس كنيل الصباح المتودد و القريب للقلب .

الإثنين 30/9

:))

اليوم المُفتتح بابتسامة  لأن رفاقا أعزاء للروح حضروا الى المنيا و لأنني كطفلة صغيرة  رجوتهم " خرجوووووووووني " فاستجابوا بفيض ود أرواحهم الكريمة ؛ و الجلسة التي كانت تحكي عن السفر الى البلاد البعيدة  أججت رغبتي في الطيران مجددا ؛ في التحليق كببغاء أزرق :)
وجهات السفر الكثيرة  تركت في قلبه غابات من الصنوبر و الثلج و العواصف و القطارات و الباخرات المارقة كريح ؛ تركت في عينيه مواسم ... و أنا التي سافرتُ مرارا لم أسجن في قلبي سوى شكل الزهور البرية و في عيني ألف سحابة و غيمة.

الرفقة تحلو ؛ النزهات الطويلة و الحديث من القلب يُعيد لروحي الاتزان ؛ المكالمات الهاتفية الطويلة من الأصدقاء الذين يختبرون غربةٍ اخرى و الدهشة للقدر الذي وضع كلٌ منا في طرقٍ منفصلة  ؛ كل ذلك يثير في نفسي الرهبة و رعشة خفيفة .. يا رب  أنت العارفُ العارفُ ؛ و أنت الرحيمُ الرحيمُ  و أنت ربي ؛ فامنحني سلاما للروح يقينِ كل شر .

آآآمين .
المنيا ؛ مجددا :)