الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

عن الخرائط التي بخط اليد و الطيور الزرقاء

الأحد 29/9

يقولُ الذي يحمل شمسين صغيرتين في عينيه و ابتسامة واسعة في قلبه " سأرسم لكِ خريطة لشوارع المنيا ؛ للعنوان الذي أريدُ أن أذهب إليه قبل السادسة .. و يرسم الخريطة  خطوطا متوازية و ميادين على شكل دائرة مغلقة  و علامات صغيرة "
الشارع الذي ميزت اسمه كان من السهولة لأن أسأل السائق عنه "شارع سعد زغلول " للمفارقة اني أسكنُ في بني سويف في شارع يحمل الاسم نفسه ... هكذا هي مصر العظيمة حيثُ يمكنك العثور على ألف شارع يحمل اسم سعد زغلول او صلاح سالم في كل بلدة او محافظة تقريبا :)

و بغض النظر عن الخريطة العزيزة التي يغارُ منها "جوجل ايرث و جوجل ماب" ... فإن السائق الذي أمرته بثقة أن يأخذني للشارع ؛ ابتسم في بلاهة و اخبرني بأنه لا يوجد شارع بهذا الاسم و أن ما أقصده هو شارع " المحطة ".

كنتُ على موعدٍ مع الإرهاق  صبيحة ذلك اليوم؛ يوم الأحد يمثل كل كوابيسي في الحياة .. هو توارث  ثِقل يوم السبت و تحمل بالتبعية مقتي لكل بدايات الأسبوع ؛ لذكريات المدرسة و الجامعة و المحاضرات و السفر ... السفر صباحا حيثُ يتعامل سائقي الميكروباص معنا ككائنات بائسة  تستحق الموت سحقا .. في ظل غياب القطار عن المشهد !

و الموعد الذي تحديتُ ارهاقي  لكي لا افوته كان يستحق فرحة تُشبه رفرفة جناحي بغباء أزرق اسمه RIO كان يخافُ فرد جناحيه للتحليق ... كان عرضا خاصا للفيلم في دور سينما عبارة عن غرفة مستطيلة متسعة و شاشة هي "جدار" و كراسي انتظار بلاستيكية و بضعة شباب يفترشون الأرض و يضحكون .. المكان مؤسسة "عيون" حيثُ يمكنك فتح عينيك على اتساعيهما ..البساطة و الطاقة الإيجابية تملأ الأرجاء و اللوحات المرسومة بخطوط طفولية تُرحب بك .. العيون المرحبة كثيرة و جميلة و تحمل ودا صادقا يمنحك مكانا دائما هناك ؛ هكذا عرفتُ أن كآبة يوم الأحد ستنكسرُ بابتسامات واسعة و فيلم مُلهم.

و العصافير الزرقاء التي كانت تناضل لأجل حريتها ؛ ذكرتني بك؛ كانت الأنثى شجاعة و ذات روحا طلقة و متحررة بينما كان ريو متكئا على نفسه و فاقدا لعزمه ؛ الفيلم الذي انتهى بالنهاية السعيدة كعادة افلام الأنيميشن .. حررني قليلا بصخب الألوان و روعة انسانية المشاعر و براعة الإخراج .. متعة كبيرة و خالصة .

العودة من المحطة الى شارع طه حسين سيرا على الأقدام ؛ حررّ ما تبقى من رواسب اليوم .. المشي على الكورنيش و اكتشاف شجرتين مكسوتين باللون الوردي و ألف ألف وردة برية  تتكشف بحياء .. العائلات التي تتنزه و الأطفال الراكضين و العجائز المتكئين على الصبر .. حياة تبعث على الاطمئنان و تزيل عن النفس غربتها و الشوارع طويلة طويلة  تربت على قلبك ؛ النيل مستكين بالأسفل و بعيد عن التناول ؛ نيل الليل في المنيا ليس كنيل الصباح المتودد و القريب للقلب .

الإثنين 30/9

:))

اليوم المُفتتح بابتسامة  لأن رفاقا أعزاء للروح حضروا الى المنيا و لأنني كطفلة صغيرة  رجوتهم " خرجوووووووووني " فاستجابوا بفيض ود أرواحهم الكريمة ؛ و الجلسة التي كانت تحكي عن السفر الى البلاد البعيدة  أججت رغبتي في الطيران مجددا ؛ في التحليق كببغاء أزرق :)
وجهات السفر الكثيرة  تركت في قلبه غابات من الصنوبر و الثلج و العواصف و القطارات و الباخرات المارقة كريح ؛ تركت في عينيه مواسم ... و أنا التي سافرتُ مرارا لم أسجن في قلبي سوى شكل الزهور البرية و في عيني ألف سحابة و غيمة.

الرفقة تحلو ؛ النزهات الطويلة و الحديث من القلب يُعيد لروحي الاتزان ؛ المكالمات الهاتفية الطويلة من الأصدقاء الذين يختبرون غربةٍ اخرى و الدهشة للقدر الذي وضع كلٌ منا في طرقٍ منفصلة  ؛ كل ذلك يثير في نفسي الرهبة و رعشة خفيفة .. يا رب  أنت العارفُ العارفُ ؛ و أنت الرحيمُ الرحيمُ  و أنت ربي ؛ فامنحني سلاما للروح يقينِ كل شر .

آآآمين .
المنيا ؛ مجددا :)

هناك تعليقان (2):