من المزايا العديدة لموقع عملي الحالي ؛ أنني لو أعطيتُ ظهري للمكان و يممتُ وجهي للأمام فلن يُطالعني سوى النيل ؛ السخافة التي تعلق بذرات الهواء حول حضوره .. يمكن للنيل أن يمسحها من على وجه القلب برفق .. برفق ؛ مع كأس شهي من الفواكه الطازجة و الفراغ ... صدح البلابل الآوية إلى أعشاشها و استكانات السحاب في الشفق ؛ الليل المتمهل و ما تبقى من القمر ...كل ذلك يغسل روحي غسلا ؛ ماذا أعددت لي يا رب ... ليُكتب لي في السماء عدد الأنفاس التي سألتقطها هنا ؛ أطالع المكان و ابتسم لأنني قبل خمسة أشهرُ وقفت و التقطت صورة هنا كغريبة و مسافرة و ذكرى .. و أنا هنا الان يفصلني عن الفراش القاسي الذي أُسند رأسي عليه ؛ في أخر الأمر ؛ مسافة الخمس دقائق مشي و ثلاث و ثلاثون تسبيحة.
الصباح صارت له طقوسه ... من أول شعاع شمس يسقط على وجهي من النافذة المفتوحة كقلب طفل ؛ لتجهيزات العمل و المغادرة إليه ... للمكتب في فراغه المحبب من كل كائن للإذاعة الفرنسية التي تأسرني بعذب اللغة و دقة اللهجة ؛ حتى توافد الباقين على العمل و بدء الإيقاع في التصاعد أو التراخي حسب مقتضيات اليوم.
على الصعيد الداخلي :
سكنت الفتاتين الغريبتين الغرفة البعيدة التي تواجه باب الشقة ؛ احداهما مُتبسمة ضاحكة و الاخرى صامتة و نائية .. هكذا اكتمل عددنا , و صارت فرصة مصادفة كائنات حية في الطرقة الطويلة أمرا واردا و ليس مستحيلا :) ربما يكسر صوتهما ذلك الصمت الذي يدوي في الأركان .
الان عليّ أن أعمل ؛
يا رب اشرح لي صدري و يسر لي أمري و احلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق