الجمعة، 6 سبتمبر 2013

الرجال ذوي العيون الملونة

أعمل مع الرجال ذوي العيون الملونة ؛ 
الرجل ذو العينين الأشد زرقة  أخبرني بأنه سيترك العمل ...و أنا لا أعرفُ مقدار ما أشعر به من الارتباك لأن لقائين عابرين كانا غير كافيين لرسم صورة واضحة عنه ؛ الرجل الستيني الذي  عمل في حياته طويلا ليؤسس مبادئا خاصة تمنحه شجاعة الاعتراض و ترك العمل حال الخلاف المبين؛ سأتعلم منه تلك الفضيلة و أحتفظ بمساحة ود قائمة له .

الرجل الأخر ذو العينين الضاربتين الى الخضار يكبرني بعامين اثنين و يُسيّج نفسه بسور عالٍ من الإعتداد بالنفس مدعوما بتجارب واسعة .. الرجلُ الذي يبدو ... كيف يبدو ؟؟ لا أدري لكنه من الرجال الذين يأكلون بالشوكة و السكين و يتحدثون بالشوكة و السكين ..

كيف يمكننا رسم صور لذواتنا دون الإمساك بانعكاسنا في المرايا و مطاردة حكاياتنا عبر الذكريات ؛ يقول الرجل الطيب الذي جلس الى جوارى في طريق العودة : على المرء ألا  يتعامل بشفافية أكثر من اللازم مع البشر .. و أننا يجب أن نحتفظ بافتراض حسن النية في الجميع حتى نستطيع المداومة على استرجاع سلامنا النفسي ؛ أقول في نفسي : أنا مللت من التداخل مع الناس ... على المقياس الجديد للصواب و الخطأ ؛ ارتكبتُ أخطاءا فادحة في الفترة السابقة ! أكثرها فداحة على الإطلاق افتراض حسن النية !!!
يحدثني الرجل الطيب عن السلام النفسي ..فأقول له أن المؤمن لا يُلدغ من جُحر مرتين.

أسجل الأخطاء الأولى في دفتر خاص ؛ لأنني لن أتحمل أي فشل جديد .. و أبحث في جدية عن عمل جديد في المدينة البعيدة ؛ الأبواب تُشرع فقط لمن يطرقها.

على هامشٍ جانبي ؛ يأتي اسمك فلا أستطيع مقاومة السؤال عنك ؛ يخبرني الرجل الطيب الذي تعشقه الأرض "فقري" ..فأبتسم في أسى و أطالع الطريق ؛ كيف أصبح حتى مجرد ذكر اسمك يثير كل ذلك الأسى حتى في الهواء الذي أتنفسه بعدما كان يثير الفخر و الفرحة.
هل تؤلمك خسارتي؟ هل يخطر على قلبك الغافل أنك خسرتني ... و أننا لربما كنا الان نطوي الغربة التي تعصف بي بمكالماتٍ هاتفية طويلة أخبرك فيها عن يومي و تخبرني فيها عن يومك قائلا لي "ماشي يا عسلية " ..

أنا أتعرف على عالمي كطفل يتعلم المشي لأول مرة بعيدا عن أيادٍ تستنده ؛ أتعلم المشي .. لكني حتى الان لا أستطيع نصب قامتي و لا نصب قامة قلبي تحت هذه السماء الغريبة .. (المنيا ).

هناك 3 تعليقات:

  1. أريد أن أقول لكِ أن ابنتي الصغيرة عندما خطت أولى خطواتها كانت وحدها..كنت أساعدها فترة وتتعثر بعد خطوتين وثم ترتمي في حضني.. عندما حان الوقت قامت ومشت وسقطت وقامت ومشت مرة أخرى.. ربما لا تحتاجين أحدا كي تمشي وحدك مرة أخرى.. سيحين الوقت يا جميلتي.. سيحين
    أتمنى لكِ في حياتك الثانية تلك الكثير من الفرح والدهشة..

    ردحذف
    الردود
    1. أحيانا أتمنى لو أني لا أخطو وحدي ؛ هنا الكثير من الوحدة أعطبت روحي يا إيمان ؛ لكن الحقيقة تبدو قاسية في بعض الأوقات : نعم عليّ ألا أعوّل على يد تستندني حال تعثري...لكن ما يقلقنى بحق سؤال كبير جدا عن (جدوى) ما أفعله !
      كوني بالقرب دائما ..كوني قريبة :)

      حذف
  2. نحتاج اليد التي تبقى لأنها تريد يا صديقة.. الوحدة تفسد الثمر بنفس قدر استبقاء الأشياء التي تقرر الرحيل..
    الكثير من الأشياء لا جدوى لها في النهاية .. وربما لا.. استمتعي بالرحلة.. الحياة كلها تتعلق بالرحلة لا الوصول/الجدوى..
    علينا من حين لآخر أن نختار السعادة.. يجب من حين لآخر أن نسعد يا صديقة.. والا ما الجدوى؟!

    دمتي .. سعيدة

    ردحذف